مقالات وأراء

ذكري ميلاد د.مصطفي مشرفة

كتب/احمد عثمان عوض
مؤسس فريق الباشكاتب للوعي الاثري
‏في مثل هذا اليوم مولد الدكتور«علي مصطفى مشرفة باشا» أهم علماء العالم للفيزياء النظرية وأعظم عالم في تاريخ مصرالمُلقّب
بأينشتاين العرب لأن أبحاثه في نفس مجال ألبرت أينشتاين الذي قال عنه عند وفاته(اليوم توفي نصف العلم)
هو ليس عالما فقط انما إنسان فنان متذوق للشعر متعدد المواهب أحد السبعة الذين عرفوا سر الذرة على مستوى العالم والذي
وضع مع اينشتاين النظرية النسبية وهو الذي قام بالإثبات الرياضي لها
وُلد «علي مصطفى مشرفة»11يوليو 1898مدينة دمياط- مصر حيث أنه كان الإبن الأكبر لـ«مصطفى مشرفة»
أحد وجهاء تلك المدينة وأثريائها ومن المتمكنين في علوم الدين ‏المتأثرين بأفكار «جمال الدين الأفغاني»
و«محمد عبده» العقلانية في فهم الإسلام ومحاربة البدع والخرافات فقد كان من المجتهدين في الدين وله أتباع ومريدون،
وكان لهذا الأمر سببًا قويًا في نشأته على حفظ القرآن الكريم منذ الصغر محافظًا على صلاته مقيمًا لشعائر
دينه كما علمه والده ‏وقد ظلت هذه المرجعية الدينية ملازمة له طوال حياته،تلقّى دروسه الأولى
على يد والدته ثم في مدرسة”أحمد الكتبي” وكان دائما من الأوائل في الدراسة ورغم ان مشرفة قضى السنوات الأولى
من طفولته في رغد من العيش وهناءة بال لكنها سنوات علم خلت من كل مباهجها ومن أقواله الشهيرة لذلك الموضوع
‏”لقد كنت أفني وأنا طفل لكي أكون في المقدمة فخلت طفولتي من كل بهيج ولقد تعلمت في تلك السن أن اللعب مضيعة
للوقت(كما كانت تقول والدته) تعلمت الوقار والسكون في سن اللهو والمرح حتى الجري كنت أعتبره خروجا عن الوقار”التحول هو وفاة والده 8 يناير1910بعد أن فقد ثروته في مضاربات القطن1907
‏5-وخسر أرضه وماله وحتى منزله الازمة هزت الإقتصاد المصري فهوت بالأغنياء إلى قاع الفقر وكان من جراء تلك الأزمة أنها أودت بمائتي فدان كان الوالد يمتلكها وبموت الأب صار الإبن”عليّ”الذي لم يكن قد تجاوز الثانية عشرة من عمره عميدًا لأسرته المكونة من أمه وإخوته نفيسة، ومصطفى وعطية وحسن وانتقلت الأسرة إلى القاهرة مع جدتهم لأمهم حيث استأجروا شقة في حي محرم بك بعابدين بينما التحق علي بمدرسة العباسية الثانوية بالاسكندرية التي أمضى فيها سنة في القسم الداخلي المجاني؛ انتقل بعدها إلى المدرسة السعيدية في القاهرة وبالمجان أيضا لتفوّقه الدراسي فحصل منها على القسم الأول من الشهادة الثانوية (الكفاءة) عام 1912 وعلى القسم الثاني(البكالوريا) عام 1914 وكان ترتيبه الثاني على القطر المصري كله وله من العمر ستة عشر عاما وهو حدث فريد في عالم التربية والتعليم في مصر يومئذ وأهّله هذا التفوق (لاسيما في المواد العلمية) بانتسابه في خريف1917 إلى جامعة نوتنجهام الإنجليزية والتي حصل منها على شهادة البكالوريوس في الرياضيات خلال ثلاث سنوات بدلا من أربع وأثناء اشتعال ثورة1919بقيادة سعد زغلول كتب علي مشرفة إلى صديقه محمود فهمي النقراشي(أحد زعماء الثورة)يخبره فيها برغبته الرجوع لمصر للمشاركة في الثورة وكان جواب النقراشي له:«نحن نحتاج إليك عالما أكثر مما نحتاج إليك ثائرا، أكمل دراستك ويمكنك أن تخدم مصر في جامعات إنجلترا أكثر مما تخدمها في شوارع مصر»
لفتت نتيجته نظر أساتذته الذين اقترحوا على وزارة المعارف المصرية أن يتابع مشرفة دراسته للعلوم في جامعة لندن، فاستُجيب لطلبهم والتحق عام 1920 بالكلية الملكية (كلية كينجز لندن)kings college وبدأت أبحاثه تأخذ مكانها في الدوريات العلمية وكان لم يتجاوز 25عاما حيث تم نشر أول بحثين له عام 1922وهما البحثان اللذان نال عليهما درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم عام 199958299582239x248993339x24899333بإشراف العالم الفيزيائي تشارلز توماس ويلسون ‏CharlesT.Wilson
-الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام
1927وفي أول فرصة سنحت له سافر ثانية إلى إنجلترا وعام 199958299582239x248993339x24899333قدم د.مشرفة7أبحاث حول تطبيق فروض وقواعد ميكانيكا الكم على تأثير زيمان وتأثير شتارك ومن تلك الأبحاث حصل مشرفة عام 1924على درجة دكتوراة العلوم.
‏12-وبحصوله علي دكتوراة جامعة لندن
وهي أعلى درجة علمية في العالم لم يتمكّن من الحصول عليها سوى11عالما في ذلك الوقت وكان أول مصري يحصل عليها ثم رجع إلى مصر مرة أخرى عام 1925وكان من المؤمنين بأهمية دور العلم في تقدم الأمم وذلك بانتشاره بين جميع طوائف الشعب؛ حتى وإن لم يتخصصوا به ‏‏لذلك كان اهتمامه منصبّا على وضع كتب تلخص وتشرح مبادئ تلك العلوم المعقدة للمواطن العادي البسيط كي يتمكّن من فهمها والتحاور فيها مثل أي من المواضيع الأخرى وكان يذكر ذلك باستمرار في مقدمات كتبه والتي كانت تشرح الألغاز العلمية المعقدة ببساطة ووضوح حتى يفهمها جميع الناس ‏وبأمر من وزارة المعارف سبب عودته لمصر اصلا عُيّن مدرسا للرياضيات في كلية المعلمين العليا وحين تم افتتاح جامعة القاهرة عام 1925 عمل بها أستاذ مشارك في الرياضيات التطبيقية في كلية العلوم لأنه كان تحت سن الـ30 وهو الحد الأدنى للسن المطلوب لتحقيق وظيفة أستاذ ‏ثم مُنح درجة “أستاذ”عام 1926رغم اعتراض قانون الجامعة على منحه اللقب دون سن الثلاثين وانتُخب عميدا لكلية العلوم عام1936وانتخب للعمادة أربع مرات متتالية وانتُخب في ديسمبر 1945وكيلًا للجامعة حصل أيضًا على لقب الباشاوية من الملك فاروق حيث أنه تتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء مصر ‏ويعتبر أهم تلاميذه هم فهمي إبراهيم ميخائيل ومحمد مرسي أحمد وعطية عاشور وعفاف صبري وسميرة موسى ومحمود الشربيني وفي فترة العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي درس مشرفة معادلات ماكسويل والنسبية الخاصة وكان له مراسلات مع ألبرت أينشتاين ‏ونشر مشرفة 25ورقة علمية أصلية في مجلات علمية مرموقة وكانت موضوعاتها تدور حول نظرية النسبية والعلاقة بين الإشعاع والمادة كما نشر مشرفة12كتابا علميا حول النسبية والرياضيات وتُرجمت كتبه إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والبولندية وترجم مشرفة10كتب عن علم الفلك والرياضيات ‏والغة العربية كما كان مهتما بتاريخ العلوم وخاصة دراسة مساهمات علماء العرب في القرون الوسطى ومع تلميذه محمد مرسي أحمد نشر كتاب الخوارزمي “كتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة”كما انه اهتم بالعلاقة بين الموسيقى والرياضيات وساعد في إنشاء الجمعية المصرية لمحبّي الموسيقى في عام1945‏-تمتعت كلية العلوم في عصر مشرفة بشهرة عالمية واسعة حيث عني بالبحث العلمي وإمكاناته ووفر كل الفرص للباحثين الشباب لإتمام بحوثهم وأرسى قواعد جامعية راقية حافظ فيها على استقلالها وأعطى للدرس حصانته وألغى الاستثناءت وكان يقول”إن مبدأ تكافؤ الفرص هو المقياس الدقيق الذي يرتضيه ضميري”
‏دافع عن حق “سميرة موسى” في التعيين كأول معيدة امرأة في كلية العلوم وهدد بتقديم استقالته لو لم يتم التعيين. فتم التعيين وأصبحت سميرة موسي بعد ذلك عالمة ذرة لم تنجب مصر مثلها وكان ينتظرها مستقبل باهر لولا حادث مصرعها الغامض في أمريكا عام 1952 كان مشرفة أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها في الحرب بل كان أول من أضاف فكرة جديدة هي أن الأيدروجين يمكن أن تصنع منه مثل هذه القنبلة إلا أنه لم يكن يتمنى أن تصنع القنبلة الأيدروجينية وهو ما حدث بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة وروسيا ‏ساهم مشرفة في كتابة موسوعة علمية عربية وكتب في التراث العلمي العربي أيضا كان ضد استخدام الطاقة الذرية في الحروب وحذر من استغلال العلم كوسيلة للتدمير.
بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته إلى نحو مائتين ولعل الدكتور كان ينوي جمعها ليحصل بها على جائزة نوبل في العلوم الرياضية.
‏كان مشرفة حافظًا للشعر ملمًّا بقواعد اللغة العربية عضوًا بالمجمع المصري للثقافة العلمية باللغة العربية كما كان يحرص على حضور المناقشات والمؤتمرات وله مناظرة شهيرة مع الدكتور طه حسين حول “أيهما أنفع للمجتمع الآداب أم العلوم؟كما ذكرنا كان عازفًا بارعًا على الكمان والبيانو ‏مغرمًا بموسيقى جلبرت وسلفن وكون الجمعية المصرية لهواة الموسيقى في سنة 1945وكان من أغراضها العمل على تذليل الصعوبات التي تحول دون استخدام النغمات العربية في التأليف الحديث وتنبأ ثلاثينيات القرن الماضي أن “مصادر الطاقة سوف تنفد ولابد من التوجه لمصادر طاقة بديلة مثل الطاقة الشمسية”
‏وكان يرى أيضًا أنه لا بد لمصر من تصنيع “قنبلة ذرية” لأن هذا سيمثل أداة ردع فعالة للقوى الأخرى التي تمتلك أسلحة نووية.
توفي15يناير 1950 إثر أزمة قلبية، وباتت ظروف وفاته غامضة للغاية ولم يتم التوصل لشئ مثل غيره الكثير من العلماء المصريين العقول النابغة التى اغتيلت غدرًا ‏وأسدل الستار عليهم ولم يتبقَّ لنا غير إنجازاتهم العلمية قيل أنه مات مسموما وأن أحد مندوبي الملك فاروق كان خلف وفاته او أنها إحدى عمليات جهاز الموساد الإسرائيلي لاصراره علي ادخال تطبيقات علم الذرة مصر ولكن كتاب د.علي مصطفي مشرفة«ثروة خسرها العالم»تأليف شقيقه د.عطية مشرفة. ‏ينفي تماما هذه الأقاويل ويؤكد أنه مات على فراشه 😔وكتكريم له بعد وفاته قد أنشأت حكومة المملكة المتحدة منحة تعليمية لدراسة الدكتوراة تحت إسم منحة نيوتن مشرفة للدكتوراة في المملكة المتحدة.
مقبرة عائلة الدكتور مشرفة في حديقة قبة أفندينا من التسعينات ‏ عند إنشاء طريق النصر أوالاتوستراد كان يمر بمنشية ناصر ومدخل المقطم من الغرب،كانت المنطقة كلها عبارة عن مقابر ومدافن فتمت إزالة الكثير منها ونقل الرفاة وتعويض أصحابهاوتقرر نقل مقبرة مشرفة وعائلته في أحد جوانب قبة أفندينا بالحديقة الخارجية وذلك تقديرا لمكانته وإسمه العلمي الكبير
من‏أقوال”مشرفة”لقد شهدت البشرية نشأة حضارات عديدة وازدهارها على سطح الأرض لكن قليلا من تلك الحضارات التي استمرت وبقيت فلابد أن نسأل أنفسنا عن سبب ذلك لقد فكرت في ذلك كثيرًا ووجدت أن نبوغ مجموعة كبيرة من مواطني مجتمع ما كفيل بقيام حضارة مع وجود العوامل الأخرى المساعدة في قيام الحضارة ‏لكن اهتمام هذه المجموعة ببناء جيل يكمل بعدها المسيرة كفيل باستمرار حضارة تلك الشعوب لكن إن لم تهتم هذه المجموعة ببناء جيل جديد سوف تنتهي تلك الحضارة وسوف تندثر وتزول بمرور الأيام أعتقد أنني الآن أجبت عن سؤال يدور في عقل الكثيرين وهو لماذا بقيت الحضارة المصرية شامخة حتى الآن؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
مرحباً بكم في الإخبارية العربية هل ترغب في تلقي إشعارات بآخر الأخبار؟ لا نعم