الكذب “النبيل”

الأديبة الكاتبة : نهى حمزة
البحث فى الحقيقة سيعري أضدادها المتمثلة فى الوهم والزيف والأسطورة والخيال , وكل هذه المفردات تشكل منظومة إسمها الكذب .
وحقيقة الكذب ترتكز على دعامتى : النية فى الخداع والدلالات الزائفة اللتين يحملهما فعل الكذب ومن خلالهما يظهر الكاذب خلاف ما يبطن … إذا تحدثنا عن النية … فان الكاذب نفسه يشير إلى نية إظهار الزيف وإخفاء الحقيقة , ولنجاح الكذب سيسبقه شئ من الخداع الذاتي لأن الكاذب يلجأ إلى ذاك الكذب لتكوين صورة إيجابية عن ذاته وبالتالي يحتاج هو نفسه أن يعيش خبرة هذه الأكذوبة ويصدقها ثم يصدرها للآخرين .
الكذب ظاهرة مذمومة فالكاذب لو إمتلك ضميراً حياً سيحتاج إلى ممارسة نوعاً من الضغط النفسي المرهق ومن المفارقات فى موضوع الكذب أن أفلاطون صاحب المدينة الفاضلة هو أول من أباح الكذب والخداع فى تاريخ الفكر السياسى ، كان هدفه الأساسى العدالة وإن كان قد أعطى الاهتمام الأكبر للهدف إلا أنه فى المقابل لم يعط نفس هذا الاهتمام للوسيلة .
وبهذا المنطق صار ميكافيللي الذى بنى نظريته على مفهوم الغاية تبرر الوسيلة وهو مفهوم سئ وخطير ولا أخلاقي وهو الكذب والخداع فى أخطر صوره .
إذا فتحنا الباب للكذب وأبحناه مبررين له بهذا المنطق الميكافيللي سيصبح الكذب مباحاً وقد يضعه الاسلاميون أيضاً تحت نظرية الضرورات تبيح المحظورات وفى المذهب الشيعى يسمونه التقية , وهم بذلك يناقضون أساس الاسلام وهو الحقيقة .
فلا مبرر للكذب تحت أى عنوان مهما بدا مبرراً وبراقاً ومهما كان الهدف منه .
كذب وخداع …. فلا أكذوبة نبيلة ولا أكذوبة مباحة لن أمنح الكاذب صفة النبل كيف نمنحه صفة ( النبل ) هى ما يرتفع بها الانسان من الأخلاق والأفعال ومما يختص به ذلك فى نفسه دون ما يضاف .
الكاذب ليس نبيلاً وفاقد للثقه في النفس , بداخله خوف وماض مسيطر مملوء بالأكاذيب , لديه سوء نية , طفوله عليها علامات إستفهام , يحل مشاكله بالكذب , يستمرئ الكذب .
إذا حاصرته بكذبته إرتبك ويبرر الكذب بأكاذيب … إنه كذووب .