إ سمعنى

كتب : على امبابي
ولكن هكذا و لأن
يأخذ حيزاً من تفكيري دائما تأمل مواضع الناس من حولي خاصة متابعة كيفية تفاعلنا مع بعضنا البعض
كبشر وكيفية تواصلنا ، استند فى ذلك إلى تتبعي ذلك الأمر من خلال ملاحظة أي اجتماعات
أو لقاءات تقام بالقرب مني ، أو من خلال مشاهدة برامجنا الحوارية بوسائل الإعلام المختلفة.
توجد دائما هناك مجموعة من الأسئلة التى تؤرقنى و التى تظل تضرب جنبات العقل باحثة بألحاح
عن إجابة ، لماذا يكون اختلافنا دائما أقرب إلى اتفاقنا ؟
ولكن هكذا و لأن
لماذا نصل سريعا إلى نقطة عدم الاحتفاظ بالهدوء؟ ولماذا لا يستمع بعضنا البعض؟ لماذا نظل أحيانا
ساعات نتكلم دون أن نصل لنقطة التقاء ؟ لماذا تتوه بيننا كثيرا حقيقة الأمور؟ لماذا تستعصى
علينا كثيراً الرؤية الواضحة لحقائق الامور والمواقف وكأننا نعيش فى شبه شبورة مزمنة؟ .
ولكن هكذا و لأن
لماذا نرفع شعار فى علاقتنا بالآخرين فى ” من لم يكن معنا فهو علينا” إلى متى تظل مقولة ” الخلاف
فى الرأى لايفسد للود قضية” مجرد شعار مزيف لا يطبق على أرض الواقع ؟ أين تلاشت وتاهت
الموضوعية بيننا؟ ولماذا حلت محلها الأنا والذاتية أو الشخصنة التى تتسلح بجعبة اكتظت بالإتهامات
الموجهة لنقض وهدم ذات الآخر لشخصه بدلا من نقد رأيه نقداً متوازناً ؟ هل الهدوء والتروي والحكمة
كلمات لم يعد لها مقاييس فى القواميس الحياتية العملية لنا ؟ لماذا اصبح عنوان حياتنا
هو العشوائية غريمة “التخطيط” الغير مرغوب ، العشوائية فى كل شئ فى الحديث
فى العمل، فى الرؤية، فى النقاش، فى مواجهة المشكلات، فى كل شئ .
ولكن هكذا و لأن
الأسئلة متعددة ولا تنتهي، والاكتفاء بتجميعها فقط لن يغير من الأمر شيئا ولن يقتل الحيرة، وعلينا أن
نجتهد فى البحث عن إجابات لهذا الفيض من الأسئلة ، يقينا منا بأنه ” أن توقد شمعة خير من أن
تلعن الظلام” ، وللبحث عن تعليل كل تلك الظواهر التى ولدت منها الأسئلة السابقة ، إلى أن العلة
وراء كل ذلك تكمن فى عقولنا وكيف نستخدمها، إذا كنا بالفعل نستخدمها ، ولا نتركها مخزنة
بصناديق الرؤس تاركين حركتنا بالحياة تحت رحمة الاصطدام بالمؤثرات والأحداث العشوائية
التي حولنا دون أن يكون لنا أى دور فى تحريك الأحداث الجارية حولنا .
ولكن هكذا و لأن
إن العقل هو إحدى أعظم هبات الله للإنسان ، واحدى ظواهر عمله هو ظاهرة “التفكير” ، التى نستطيع
أن نقول إن الخلل بها هو السبب الرئيسي الساكن خلف الشواهد التي جاءت حولها تلك الاسئلة السابقة
وللإجابة عن ماسبق من أسئلة وما يتبع ذلك من أسئلة أخرى ، يجب أن نعلم أن التفكير هو مهارة
مكتسبة مثل أى مهارة يمكن للإنسان تعلمها، بل والعمل على اجادتها والتميز فيها كما يتعلم
ويتقن لعب رياضة معينه او العمل بمهنة معينة ، أى أن الأمر ليس مجرد جينات وراثية تحدد
درجة ذكاء الإنسان ليظل أسير هذا الشيئ المقدر له مدى الحياة دون أى احتمالية بتعديله أو تغييره.
ولكن هكذا و لأن
التفكير والإبداع ليس حكرا أو قصرا على نخبه من الناس ، علينا أن نزرع فى نفوس واذهان وعقول
المحيطين حولنا والمشاركين لنا فى محتمعاتنا، أن التفكير الإبداعي “تفكيرا شعبيا” اى يمارسه
كل انسان عادى وعلى اى درجة من الثقافة والتعليم ، كل إنسان طبيعي قادر على التفكير
والإبداع ، قادر أن يكون ذلك التفكير جزءا رئيسيا من نشاطه التفكيري، بل ويذهب إلى أبعد
من ذلك ويصمم العشرات والعشرون من الطرق العملية لتحفيز التفكير الإبداعي .